لوارث»، على مذهب من يجيز نسخ القرآن بالسنة، فلا إشكال فيه، وهي رواية أبي الفرج عن مالك حكى عنه في كتابه أنه قال: نسخت الوصية للوالدين ما تواتر عن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا وصية لوارث»، ونسخت الوصية للأقربين آية المواريث. وقيل نسخت الوصية للوالدين بقوله:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}[النساء: ١١]، والوصية للأقربين بقوله:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا}[النساء: ٨] فحض على إعطائهم ورغب فيه من غير إيجاب. وقالت طائفة من أهل العلم: نسخ من الآية فرض الوصية للوالدين وبقي فرض الوصية للأقربين الذي لا يرثون محكما غير منسوخ. فواجب على الرجل أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون، فإن لم يفعل فقد أثم وأجرم. وإن أوصى بالثلث لغير ذوي قرابته وله قرابة محتاجون صرف ثلث الميت إليهم في قول بعضهم، وفي قول بعضهم يصرف إليهم ثلث الثلث. وقالت طائفة: الآية كلها محكمة لم ينسخ منها شيء، وظاهرها العموم فيمن يرث ومن لا يرث من الوالدين والأقربين، والمراد بها من لا يرث منهم دون من يرث بدليل آية المواريث وقول رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا وصية لوارث». فآية المواريث والسنة الواردة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على مذهب ليست بناسخة لآية الوصية وإنما هي مخصصة لها ومبينة لمعناها. وقالت طائفة: الآية محكمة فيمن لا يرث دون من يرث من الوالدين والأقربين، إلا أن المراد بها الحض والندب لا الوجوب بدليل قوله:{مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢٤١] لأن الواجب لا يقال فيه إنه معروف ويستوي فيه المتقي وغير المتقي.
[فصل]
والوصية بالعتق وغيره عدة، للموصي أن يرجع عنها إن شاء في صحته أو