رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيعا، لما فيه من معنى البيع - وإن لم يكن بيعا على الحقيقة؛ وهو أن مبتاع العرية بخرصها يملكها ويجوز له التصرف فيها، كما لو اشتراها بالدنانير والدراهم؛ ولا يجوز ذلك له أيضا إلا باجتماع منهما جميعا واتفاق ورضى واختيار كالبيع، بخلاف خرص الزكاة التي النظر فيها إلى الأمام، ولا خيار فيه إلى رب الحائط، فلذلك لم يرد فيه الشرع بلفظ البيع.
[فصل]
فمالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - يجيز بيع العرية بخرصها إلى الجداد للعلتين جميعا، وابن الماجشون لا يراعي إلا الضرر ولا يرى العلة في جوازها سواه، والعلة التي هي أملك بجوازها نفي الضرر، ألا ترى أن شراء العرية في مذهب مالك وجميع أصحابه لا يجوز بخرصها إلا لمعريها، أو لمن صار إليه ثمر الحائط بشراء أو هبة أو غير ذلك من وجوه الملك.
[فصل]
ومن الحجة لمالك في ألا يجوز للمعرى بيع عريته ممن شاء بخرصها إلى الجداد مع ما تقدم من علة نفي الضرر - ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص في العرية أن تباع بخرصها يأكلها أهلها رطبا» فقوله أهلها - يريد أهل الحائط المعرين للثمرة - والله أعلم؛ ودخل من صارت إليه الثمرة بوجه من وجوه الملك مدخلهم بالقياس، وفي بعض الآثار «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها من معريها بخرصها ثمرا عند الجداد» وهذا نص في موضع الخلاف.
[فصل]
وقد ذهب جماعة من أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل إلى أنه يجوز لصاحب العرية بيع عريته بخرصها ممن شاء على ظاهر ما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها مطلقا من غير تقييد، وهو ظاهر قول