هذا أن يؤخذ منه إذا أيسر بعد أن أعدم لأن العدم قد أسقطها عنه، إذ لا يصح أن تتبع ذمته بها فيكون ذلك عقوبة أخرى، وإذا سقطت عن ذمته لم يصح أن تعود عليه والله أعلم.
فصل
في حكم توبة السارق
توبة السارق غير مقبولة منه في إسقاط الحد عنه بخلاف توبة المحارب، لأن الله فرق بينهما في كتابه، فأمر بإقامة الحد عليهم ثم عقب بذكر التوبة من غير استثناء فجعلها مستقلة بعد القطع، فدل ذلك على أن توبته لا تسقط عنه الحد وإن أسقطت عنه الإثم إذا صحت توبته ورد السرقة على صاحبها وتحلله من إمساكها عنه. وذكر تعالى إقامة الحد على المحاربين ثم استثنى منهم من تاب ألا يقام عليه الحد فقال تعالى:{إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣٤]. وهاتان الآيتان أصل في أن تقبل توبة المرتد وكل معلن بما كان عليه، وألا تقبل توبة الزنديق ولا الساحر ولا الزاني ولا الشارب للخمر ومن أشبههم من المستترين بما كانوا عليه إذا أسرتهم البينة لأنهم يتمنون أن يكون ذلك منهم تحيلا لإسقاط الحدود منهم. قال الله عز وجل:{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ - فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ}[غافر: ٨٤ - ٨٥] إلى قوله: الكافرون وقال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس: ٩٠]{آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس: ٩١]. وبالله سبحانه التوفيق لا رب غيره.