القول في السلم وأصل جوازه وتقسيم وجوهه وتبيين الصحيح منه من الفاسد
السلم- وإن سمي سلما فهو بيع من البيوع، لأن البيع نقل الملك عن عوض، كما أن المصارفة والمراطلة والمعاوضة والمبادلة وما أشبه ذلك من الأسماء التي اختصت ببعض البيوع وتعرفت بها دون سائرها - بيوع كلها في الحقيقة. والأموال التي تنتقل الأملاك فيها بالمعاوضة عليها على ثلاثة أوجه: عين حاضرة مرئية، وعين غائبة غير مرئية، وسلم ثابت في الذمة.
[فصل]
فأما العين الحاضرة المرئية فلا اختلاف بين أهل العلم في جواز بيعها، وأما العين الغائبة فبيعها عندنا على الصفة جائز لازم، خلافا للشافعي في قوله: إن بيعها على الصفة غير جائز، وخلافا لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في قوله بأن ذلك جائز وليس بلازم، وسيأتي القول على هذا في موضعه من كتاب بيع الغرر، إن شاء الله. وأما السلم الثابت في الذمة، فيجوز عندنا في كل ما يضبط بالصفة،