غير تفصيل وصححوا الآثار الواردة بالأمر بالوضوء من مسه وضعفوا حديث طلق بن علي. ومنهم من جعله منسوخا بحديث بسرة، واستدل على نسخه بأن إيجاب الوضوء وارد من جهة الشرع، وقوله هل هو إلا بضعة منك حجة عقلية، فجاز أن ينسخ ما في العقل بالشرع، ولا يصح أن ينسخ الشرع بما في العقل. ومنهم من تأوله فقال ليس فيه نص بإسقاط الوضوء، فيحتمل أن يكون المراد به إجازة مسه وإسقاط غسل اليدين من مسه كسائر الأعضاء. ومنهم من ذهب إلى أن لا وضوء من مس الذكر جملة من غير تفصيل، وهم أهل العراق، وصححوا حديث طلق وضعفوا الأحاديث الواردة بالأمر بالوضوء منه بأن قالوا إن هذا أمر تعم به البلوى، فلو كان الوضوء منه واجبا لألقاه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أمته إلقاء ذائعا ولو فعل ذلك لم يخف على أكابر الصحابة مثل عثمان وعلي وابن عباس وعمران بن الحصين وغيرهم [ممن أنكر الوضوء من مس الذكر. وهذا يعكس عليهم فيقال لهم لو كان الوضوء غير واجب منه لم يخف ذلك على أكابر الصحابة الذين أوجبوا الوضوء منه مثل عمر بن الخطاب وسعيد وابن عمر وغيرهم] .. ومنهم من فرق بين العمد والنسيان، فاستعمل حديث طلق في مسه ناسيا، والآثار الواردة بالأمر بالوضوء من مسه في مسه عامدا.
[فصل]
وأما مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - فاختلفت الروايات عنه في ذلك، فروى عنه أشهب أنه سئل عن مس الذكر فقال: لا أوجبه وأبى فروجع في ذلك فقال يعيد ما كان في الوقت وإلا فلا. وروي عنه في موضع آخر من مس ذكره انتقض وضوؤه وقال في المدونة إن مسه بباطن كفه أو أصابعه انتقض وضوؤه، وإن مسه بظاهر الكف أو الذراع لم ينتقض وضوؤه. واختلف قوله في مسه ناسيا على قولين رواهما عنه ابن وهب في العتبية. فتحصيل هذا أن له في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها ألا وضوء من