يرد عليه سلامه من أجل أنه لا يلحقه بسلامه عليه بركة وليس ذلك بشيء. وقد قيل: إنه يقول في الرد على الذمي: عليك السلام - بكسر السين - وعلاك السلام: ارتفع عنك. ومن أهل العلم من أجاز أن يبدأ أهل الذمة بالسلام، وهو خلاف ما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[فصل]
ولا يسلم على أهل الأهواء كلهم، قاله ابن القاسم في سماعه من جامع العتبية، وحكى أنه رأى ذلك من مذهب مالك. ومعناه في أهل الأهواء الذين يشبهون القدرية من المعتزلة والروافض والخوارج، إذ من الأهواء ما هو كفر صريح لا يختلف في أن معتقده كافر، فلا يختلف في أنه لا يسلم عليه؛ ومنه ما هو خفيف لا يختلف في أنه ليس بكفر ولا في معتقده أنه ليس بكافر فلا يختلف في أنه يسلم عليه. ويحتمل أنه يريد أنه لا يسلم عليهم على وجه التأديب لهم والتبرؤ منهم والبغضة فيهم لله؛ لأنهم عنده كفار بمثال قولهم ويحمل أن يريد أنه لا يسلم عليهم؛ لأنهم عندهم كفار بآل قولهم، وقد اختلف قوله في ذلك. ولا ينبغي أن يسلم على أهل الباطل في حال تشبثهم بالباطل وعملهم به كالملهيين واللاعبين بالشطرنج وشبه ذلك.
[فصل]
والاستئذان واجب، لا يجوز لأحد أن يدخل على أحد بيته حتى يستأذن عليه، أجنبيا كان أو قريبا. وقد جاء أن «رجلا سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله أأستأذن على أمي؟ فقال: نعم، فقال الرجل: إني معها في البيت، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: استأذن عليها فقال الرجل يا رسول الله: إني خادمها، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا قال: فاستأذن عليها». وروى أبو موسى الأشعري عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع». وقال الله عز وجل:{لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}[النور: ٢٧]