هذا الشرط مفسوخا، وتفسيره صحيح؛ لأن غلق الرهن معناه ألا يفك، قال: زهير.
وفارقتك برهن لا فكاك له ... يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
وأما قوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرهن محلوب ومركوب بنفقته»، فالذي تأوله عليه أصحابنا على المذهب أن الراهن الذي له الرقبة هو يركبه ويحلبه أي له أجر الركوب وما يحلب منه من اللبن، إذ عليه النفقة؛ وأما قوله الرهن بما فيه، فمعناه إذا هلك وعميت قيمته، وكذلك قال أشهب وابن القاسم وأصبغ "؛ وأما قوله «الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه»، فغنمه نماؤه وزيادته، وغرمه تلفه ونقصانه؛ فأما النماء والزيادة، فلا خلاف أنها للراهن على ما ورد في الحديث؛ وإنما الاختلاف هل يدخل في الرهن على ما سنبينه- إن شاء الله.
وأما قوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عليه غرمه فيتناول فيما لا يغاب عليه أو فيما يغاب عليه، إذا قامت البينة على تلفه من غير تعدي المرتهن.
[فصل]
فالرهن يجوز ويلزم بالعقد ولا يتم وينبرم ويصح التوثق به إلا بالحيازة لقول الله تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣]. ومن أهل العلم من قال إنه لا يكون رهنا حتى يكون مقبوضا - وهذا مذهب الشافعي وأهل العراق، وفائدة الخلاف بيننا وبينهم في ذلك أنه إذا قال رهنتك هذا الثوب فقبل المرتهن، ثم بدا للراهن في إرهانه، فإنه يجبر عندنا على أن يقبضه؛ لأن الرهن قد تم عقده؛ وعندهم أنه يكون مخيرا بين أن يقبض فيلزم، وبين ألا يقبضه فلا يلزم؛ فإذا قبضه لزم؛ واستدلوا على ذلك، بقوله- عزو جل:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣]، وقالوا لما وصفها الله- عز وجل- بالقبض، وجب أن يكون ذلك من شروط كونها رهنا، وأن يكون القبض مصاحبا لها كما أنه لما وصف الرقبة بالإيمان، كان الإيمان شرطا فيها، مصاحبا