والدم الذي تراه المرأة ينقسم على ثلاثة أقسام: دم حيض، ودم استحاضة، ويسمونه دم علة وفساد، ودم نفاس.
فأما دم الحيض فهو الدم الخارج من الفرج على عادة الحيض من غير علة ولا نفاس، وهو شيء كتبه الله على بنات آدم وجعله حفظا للأنساب وعلما لبراءة الأرحام. وقد قيل إن أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. والأول من جهة المعنى أظهر، والثاني من جهة النقل أصح.
وأما دم النفاس فهو الدم الخارج من الفرج على العادة عند النفاس، ويوجب ما يوجبه الحيض ويمنع ما يمنع منه الحيض.
وأما دم الاستحاضة فهو ما زاد على دم الحيض والنفاس، وهو دم علة وفساد، فلا حكم له على طريق الوجوب. والذي يستحب للمستحاضة على مذهب مالك وأصحابه أن تتوضأ لكل صلاة. وقد استحب بعض العلماء لزوجها أن لا يطأها، واستحب لها بعضهم أن تغتسل من ظهر إلى ظهر وفي البخاري عن أم حبيبة أنها كانت تغتسل لكل صلاة، وليس في الحديث أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرها بذلك، فلعلها تبرعت بذلك احتياطا. وقال الخطابي ليس كل مستحاضة يجب عليها الغسل لكل صلاة، وإنما يجب ذلك على التي تسمى المتحيرة وهي التي لا تميز الدم ولا كانت لها أيام معلومة أو كان فنسيتها ولا تعرف عددها، فهذه يجب عليها الغسل لكل صلاة لإمكان أن يكون ذلك الوقت قد صادف وقت انقطاع دم الحيض. ومن هذه حالها من النساء فلا يطؤها زوجها وتصوم رمضان مع الناس وتقضيه بعد ذلك لتحيط علما أن قد استوفت عدد الثلاثين يوما في وقت كان لها أن تصوم فيه، وإن كانت حاجة طافت طوافين بينهما خمسة عشر يوما لتكون على يقين