قال الله عز وجل:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣] فأجمع أهل العلم على أن المواشي من الإبل والبقر والغنم من الأموال التي تجب في أعيانها الزكاة، إلا أنهم اختلفوا هل ذلك في جميعها أو في السائمة منها خاصة، فذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلى أن الزكاة في جميعها سائمة كانت أو غير سائمة، خلافا للشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى في قولهما إن الزكاة لا تجب في غير السائمة.
[فصل]
ولا تجب الزكاة عند مالك وجميع أصحابه في شيء من الحيوان سوى الإبل والبقر والغنم، خلافا لأهل العراق في قولهم إن الزكاة تجب في الخيل السائمة إذا كانت ذكورا وإناثا متخذة للنسل. والدليل لما ذهب إليه مالك عموم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة»، وما روي عنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أنه قال:«عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق». ومن جهة المعنى والقياس أنه لما أجمع أهل العلم في البغال والحمير على أنه لا زكاة فيهما وإن كانت سائمة وأجمعوا في الإبل والبقر والغنم على الزكاة فيها إذا كانت سائمة، واختلفوا في الخيل السائمة وجب ردها إلى البغال والحمير لا إلى الإبل والبقر والغنم لأنها بها أشبه، لأنها ذات حافر كما أنها ذوات حوافر، وذو الحافر بذي الحافر أشبه منه بذي الخف والظلف، ولأن الله تبارك وتعالى قد جمع بينهما فجعل الخيل والبغال والحمير صنفا واحدا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: