باعوا وإن شاءوا رجعوا بهم إلى بلادهم، ولا خلاف في هذا أعرفه. فإن غنمهم المسلمون ردوا إلى ذمتهم ولم يكن عليهم شيء إلا أن يباعوا وهم ساكتون غير جاهلين بأن ذلك لا يجب عليهم فعلى ما تقدم من خلاف ابن القاسم في المسألة التي قبلها. وإن أسلموا عليهم فقال في المدونة إنهم يكونون رقيقا لهم، وقال ابن حبيب يردون إلى ذمتهم، وهو اختيار إسماعيل. وإن صالحوا على هدنة لم يعرض لهم، وإن صالحوا على أداء جزية تخرج ذلك على قولين في المذهب لابن القاسم وبالله التوفيق.
فصل
في الرباط
والرباط شعبة من شعب الجهاد، وهو ملازمة الثغور لحراسة من بها من المسلمين، وهو مأخوذ من الربط لأنه إذا لازم الثغر فكأنه قد ربط نفسه به. قال الله عز وجل:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[الأنفال: ٦٠] والأجر فيه على قدر الخوف من ذلك الثغر وحاجة أهله إلى حراستهم من العدو. وقد روي أن عبد الله بن عمر قال: فرض الجهاد لسفك دماء المشركين، والرباط لحقن دماء المسلمين فحقن دماء المسلمين أحب إلي من سفك دماء المشركين، فقيل إن ذلك إنما قاله حين دخل الجهاد ما دخل، فقد قال عمر بن الخطاب اغز ما دام الغزو حلوا خضرا قبل أن يكون مرا عسيرا ثم يكون ثماما ثم يكون رماما ثم يكون حطاما. فإذا انتطت المغازي وكثرت العزائم واستحلت الغنائم فخير جهادكم الرباط. والثمام: الرطب من النبات،