عبده من فلان أو يهبن له أنَّ له أنْ يرجع عن ذلك بما شاء من قول أو فعل ما لم ينفذ الوكيل أمره.
[فصل]
ولا حجة للشافعي ومن ذهب مذهبه في إبطال التدبير وإجازة بيع المدبر فيما رواه جابر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أنه باع مدبرا» لأنه إنما هو حكاية فعل، فيحتمل أن يكون تدبيره مقيدا، ويحتمل أن يكون كان عليه دين قبل التدبير فباعه عليه في الدين. وإذا احتمل الحديث هذه الاحتمالات لم يكن لهم أن يحملوه على موضع الخلاف وإلا ولنا حمله على موضع الوفاق.
[فصل]
فإن قالوا: الأحاديث إنما تنقل للفائدة فلو حمل الحديث على الوفاق لم تكن فيه فائدة لأن موضع الوفاق مستفاد بالإجماع ففي حمله على موضع الخلاف فائدة مجردة قيل لهم: هذا تحكم، لأنه قد ينقل ما يفيد كما ينقل ما يؤكد ما قد استفيد، ولعل هذا الحديث هو الشرع الذي صدر عنه الإجماع الذي قد استفدنا معرفته. وإذا كان الأمر على ذلك فلا يصح أن يحمل على ما يستفاد منه فائدة مجردة دون ما استفدناه بالإجماع مع احتماله للموضعين بغير دلالة.
وإنما كان يصح لهم التعلق بالحديث لو كان لفظا عاما مثل أن يقول: بيع المدبر جائز لحق حمله على عمومه في جميع المواضع حتى يأتي ما يخصه. وأما وليس بلفظ عام وإنما هو حكاية فعل فلا.
[فصل]
ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه من حمل هذا الحديث الذي ورد مجملا على موضع يجوز فيه بيع المدبر عندنا وعندهم أنه قد روي هذا الحديث مفسرا، فرواه الأعمش عن سلمة بن كهيل «عن جابر قال: أعتق رجل من الأنصار عبدا له عن دبر يسمى مذكورا قبطيا وكان محتاجا وعليه دين فباعه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمائة