وأما الوجه الثالث: وهو أن يكون الضرب على وجه النائرة والغضب ففيه قولان:
أحدهما: وهو المشهور عن مالك المعروف من قوله أن ذلك عمد وفيه القصاص إلا من الأب في ابنه والأم والجد فإنه لا يقتص منه وتغلظ الدية عليه في ماله. وهذا قول مالك في المدونة لأنه أنكر شبه العمد وقال إنه باطل إنما هو عمد أو خطأ لا ثالث لهما، لأن الله لم يذكر في كتابه غيرهما.
والقول الثاني: أن ذلك شبه العمد ولا يقاد منه وتغلظ الدية عليه، وهو مروي عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، حكاه العراقيون عنه، وعليه أكثر أهل العلم، إلا أنهم اختلفوا في صفة تغليظ الدية. فمنهم من يرى أنها مربعة وهو مذهب أبي حنيفة. ومنهم من يرى أنها مثلثة وهو مذهب الشافعي. واختلفوا أيضا في الجراح كاختلافهم في القتل هل فيه شبهة عمد أم لا؟. وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلى أن شبه العمد إنما هو في النفس لا في الجراح. واختلفوا أيضا في صفة شبه العمد فمنهم من يقول إنه لا يقتص إلا ممن قتل بحديدة. وقال أبو حنيفة: لا يقتص إلا ممن قتل بحديدة أو ليطة القصبة أو النار.
[فصل]
وأما الوجه الثالث: وهو أن يعمد للقتل فلا يخلو من وجهين:
أحدهما: أن يكون ذلك على وجه الغيلة.
والثاني: أن يكون على وجه النايرة والعداوة.
فأما إن كان على وجه الغيلة فإنه يقتل على كل حال. ولا يجوز للأولياء العفو عنه.
وأما إن كان على وجه النايرة والعداوة فالأولياء بالخيار، إن شاءوا أن يعفوا،