للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

واختلف في قول الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩]، فقيل العفو في هذه الآية الزكاة. وقيل إنه ما سمح به المعطي. وقيل إنه ما فضل عن العيال. فأما من ذهب إلى أن العفو فيها الزكاة أو إلى أنه ما سمح به المعطي فالآية عنده محكمة غير منسوخة. وأما من ذهب إلى أن العفو ما فضل عن العيال فمنهم من قال إن ذلك كان واجبا في أول الإسلام وإن أحدهم كان إذا حصد زرعه أخذ منه قوته وقوت عياله وما يزرعه في العام المقبل وتصدق بالباقي ثم نسخ ذلك بفرض الزكاة. ومنهم من قال إن الآية محكمة غير منسوخة وهي على الندب لا على الوجوب مثل قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢١٥]. ومنهم من قال إن الآية محكمة على الوجوب، ذهب إلى هذا جماعة من أهل الزهد والورع فحرموا ما فوق الكفاف، وإلى نحو هذا ذهب أبو ذر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لأنه قد رويت عنه آثار كثيرة في بعضها شدة تدل أنه كان يذهب إلى أن كل مال مجموع يفضل عن القوت وسداد العيش فهو كنز، وكان يقول الأكثرون هم الأخسرون يوم القيامة، ويل لأصحاب المئين. وقد روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في هذا آثار كثيرة إلا أن جمهور أهل العلم تأولها في الزكاة على خلاف ما حملها عليه أبو ذر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وبالله التوفيق.

[فصل]

وقد بين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجمل القرآن في الزكاة وغيرها وخصص عمومه المراد به الخصوص قولا وعملا كما أمره الله تعالى به حيث يقول في كتابه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، فبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مم تؤخذ الزكاة من الأموال وممن تؤخذ من الناس وكم يؤخذ منها ومتى تؤخذ فقال: «ليس على المسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>