للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أراد أن يرد صدقات النساء إلى قدر ما لا يزدن عليه، فقالت له امرأة؛ إن الله يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: ٢٠]، فقال: كل الناس أفقه منك يا عمر حتى امرأة. وروى الشعبي عنه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: لا تغالوا في صدقات النساء فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال، ثم نزل فعرضت له امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين كتاب الله أحق أن يتبع أو قولك؟ قال: بلى، كتاب الله، لم ذلك؟ قالت: إنك نهيت الناس أن يتغالوا في صداق النساء والله يقول في كتابه: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠]، فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر مرتين أو ثلاثا، ثم رجع إلى المنبر، فقال للناس: إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صدقات النساء، فليفعل رجل في ماله ما شاء. فرجع - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عما كان رآه فيها اجتهادا نظرا للناس إلى ما قامت به عليه الحجة، فأباحه للناس واستعمله في نفسه، فأصدق أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أربعين ألفا. ومما يدل على إباحة قليل الأصدقة وكثيرها «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصدق عنه النجاشي أم حبيبة لما زوجه إياها أربعة آلاف وجهزها من عنده وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حبيبة» فلم ينكر ذلك من فعله ولا أعطاها هو شيئا من عنده على ما روي والله أعلم. وزوج سعيد بن المسيب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابنته بدرهمين، وقيل بثلاثة دراهم، وقيل بأربعة دراهم، من عبد الله بن وداعة، وقصته في إنكاحه إياها مشهورة. ولو شاء أن يزوجها من أهل اليسار والشرف بأربعة آلاف وأضعافها مرات لفعل لتنافس الناس فيها وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.

فصل

في أن النكاح لا يصح إلا بولي

ولا ينكح المرأة إلا وليها. قال الله عز وجل: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢]، وقال: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١]، وهذا الخطاب

<<  <  ج: ص:  >  >>