والثاني: أن ذلك عمد وفيه القصاص إلا أن يعفو أولياء القتيل، وهو قول مطرف وابن الماجشون وروايتهما عن مالك. وقد تؤول أن معنى قول ابن الماجشون وروايته عن مالك إن ضربه على وجه اللعب دون أن يلاعبه صاحبه أو لا يلاعبه إذا علم أنه لم يضربه إلا على وجه اللعب.
والثالث: أن ذلك شبه العمد وفيه الدية مغلظة في مال الجاني ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها، وهو قول ابن وهب من أصحاب مالك، وقول ربيعة وابن شهاب وأبي الزناد. وقد قيل إن التفرقة بين أن يلاعبه أو لا يلاعبه قول رابع في المسألة.
وأما الوجه الثاني: وهو أن يعمد للضرب على وجه الأدب وهو ممن يجوز له الأدب كالمؤدب والصانع فهو يجري عندي على الاختلاف في الذي يعمد للضرب على وجه اللعب ويدخل فيه الثلاثة الأقوال المذكورة في ذلك الوجه. ورأيت لأبي الوليد الباحي أن الاختلاف في هذا الوجه إنما هو راجع إلى تغليظ الدية ولا قصاص بحال.
[فصل]
هذا إذا علم أن ضربه كان على وجه الأدب، وأما إن لم يعلم إلا بقوله ودعواه ففي تصديقه على ذلك قولان:
أحدهما: أنه لا يصدق ويقتص منه لأن العداء قد ظهر والقصاص قد وجب وهو يدعي ما يسقطه عنه.
والقول الثاني: أنه يصدق في ذلك وإذا صدق فيه فهو بمنزلة إذا علم بالبينة ودخل الاختلاف المذكور في ذلك.