{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ}[البقرة: ١٨٣]، وهم أهل الكتاب، وقيل: الناس كلهم، وقيل: إن النصارى كتب عليهم صيام شهر رمضان على أن لا يأكلوا ولا يشربوا ولا ينكحوا النساء بعد النوم، فاشتد عليهم ذلك حين كان يغلب عليهم ذلك في الشتاء والصيف، [فلما رأوا ذلك اجتمعوا، فجعلوه في الفصل بين الشتاء والصيف]، وقالوا: نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا، فجعلوا صيامهم خمسين يوما، فلم يزل المسلمون على ذلك حتى نسخه الله بقوله:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}[البقرة: ١٨٧] الآية، واختلف في سبب نزول هذه الآية الناسخة لما تقدم مما كان الأمر عليه، فقيل: كان سبب ذلك أن «قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، فلما حضر الفطر أتى إلى امرأته، فقال لها: أعندك طعام، فقالت: لا، ولكن انطلق فاطلب لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عينه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت له: خيبة لك، فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فنزلت هذه الآية ففرحوا بها فرحا شديدا». وقيل: كان سبب ذلك «أن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أراد امرأته، فقالت له: قد نمت، فظن أنها تعتل فلم يصدقها، وواقعها، ثم ندم فبات يتقلب بطنا وظهرا، فأنزل الله تعالى الآية فنسخت ما كانوا عليه».
[فصل]
ومعنى قول الله عز وجل:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧]، هو بياض النهار المعترض في الأفق الشرقي من سواد الليل. وروي «عن عدي بن حاتم أنه قال: لما نزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة: ١٨٧] عمدت إلى عقالين أبيض