فيها أو يعامل الناس على العمل فيها لجماعة المسلمين على ما يجوز له، ويأخذ منها الزكاة على كل حال. وإن كانت في أرض متملكة فهي ملك لصاحب الأرض يعمل فيها ما يعمل ذو الملك في ملكه. وإن كانت في أرض الصلح كان أهل الصلح أحق بها إلا أن يسلموا فتكون لهم. هذا مذهب سحنون ومثله لمالك في كتاب ابن المواز.
وجه القول الأول أن الذهب والفضة اللذين في المعادن التي هي في جوف الأرض أقدم من ملك المالكين لها، فلم يجعل ذلك ملكا لهم بملك الأرض، إذ هو ظاهر قول الله تعالى:{إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[الأعراف: ١٢٨] إذ لم يقل الأرض لله يورثها وما فيها من يشاء من عباده فوجب بنحو هذا الظاهر أن يكون ما في جوف الأرض من ذهب أو ورق في المعادن فيئا لجميع المسلمين بمنزلة ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.
ووجه القول الثاني أنه لما كان الذهب والفضة نابتين في الأرض كانا لصاحب الأرض بمنزلة ما نبت فيها من الحشيش والشجر. والقول الأول أظهر، لأن الحشيش والشجر نابتان في الأرض بعد الملك بخلاف الذهب والورق في المعادن.
وأما وجه حكم المعاملة في العمل فيها فهو أن يكون على سبيل الإجارة الصحيحة. وقد اختلف هل تجوز المعاملة فيها على الجزء منها أم لا على قولين: أحدهما أن ذلك لا يجوز لأنه غرر، وهو قول أصبغ في العتبية واختيار محمد بن المواز وقول أكثر أصحاب مالك. والثاني أن ذلك جائز، وهو قول ابن القاسم في أصل الأسدية، واختيار الفضل بن سلمة، قال لأن المعادن لما لم يجز بيعها جازت المعاملة فيها على الجزء منها قياسا على المساقاة والقراض.
[فصل]
وأما ما يجب فيما يخرج منها فاختلف فيه اختلافا كثيرا. والذي ذهب إليه