وتركه. والثاني: أن يكون مما لا يمكنه تركه. والثالث: أن يكون مما لا يمكنه فعله. فأما إذا كان مما يمكنه فعله وتركه فلا خلاف في أنه لا طلاق عليه إلا إن فعل ذلك الفعل. مثال ذلك أن يقول: امرأتي طالق إن ضربت عبدي أو دخلت الدار أو ركبت الدابة أو ما أشبه ذلك إلا في مسألة واحدة، وهي أن يقول: امرأتي طالق إن وطئتك فإن لها تفصيلا وفيها اختلاف مذكور في الأمهات، وسيأتي تحصيل القول عليه في كتاب الإيلاء. وأما إذا كان مما لا يمكنه تركه فقيل: إنه يعجل عليه الطلاق، وهو قول سحنون، وقيل: إنه لا طلاق عليه حتى يفعل ذلك الفعل كالوجه الأول، وهو ظاهر قول ابن القاسم في المدونة.
مثال ذلك أن يقول: امرأتي طالق إن أكلت أو شربت أو صمت أو صليت وما أشبه ذلك. وأما إذا كان مما لا يمكنه فعله فقيل: إنه لا شيء عليه، وهو قول ابن القاسم في المدونة، وقيل: إن الطلاق يعجل عليه؛ لأنه يعد نادما، وهو قول سحنون، وروي مثله عن ابن القاسم. مثال ذلك أن يقول: امرأتي طالق إن مسست السماء أو ولجت في سم الخياط وما أشبه ذلك. وأما الوجه الثاني: وهو أن يحلف بالطلاق أن يفعل فعلا فلا يخلو من ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون ذلك الفعل مما يمكنه فعله وتركه، والثاني: أن يكون مما لا يمكنه فعله في الحال، والثالث: أن يكون مما لا يمكنه فعله على حال.
[فصل]
فأما إذا كان مما يمكنه فعله وتركه، مثل قوله: أنت طالق إن لم أدخل الدار أو إن لم أضرب عبدي وما أشبه ذلك فإنه يمنع من الوطء؛ لأنه على حنث ولا يبر إلا بفعل ذلك الشيء. فإن رفعت امرأته أمرها ضرب له أجل المولي وطلق عليه عند انقضائه إلا أن يبر بفعل ذلك الفعل الذي حلف عليه ليفعلنه أو تحب البقاء معه بغير وطء. فإن اجترأ ووطئ سقط أجل الإيلاء واستؤنف لها ضربه إن رفعت ذلك.
ولا يقع عليه طلاق بترك ذلك الفعل الذي حلف عليه ليفعلنه؛ لأنه طلاق لا يكشفه إلا الموت. وإن أراد أن يحنث نفسه بالطلاق دون أن يطلق عليه الإمام بالإيلاء، كان ذلك له إلا أن يضرب أجلا فيقول: امرأتي طالق إن لم أفعل كذا وكذا إلى وقت كذا وكذا فلا يكون له أن يحنث نفسه بالطلاق ويطأ إلى الأجل على اختلاف من قول