للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني بعد تسعة وعشرين يوما من رؤية الأول لوجب أن تجوز شهادتهما؛ لأن الشاهد الثاني يصدق الشاهد الأول، إذ لا يصح أن يصدق الشاهد الثاني إلا والأول صادق في شهادته، يريد فيصام للتمام من رؤيته. قال: وهو معنى خفي.

قلت: وليس هو عندي بينا في المعنى؛ لأنه كما يصدق ها هنا الشاهد الثاني للشاهد الأول من أجل أنه لا يمكن أن يرى الهلال ليلة تسع وعشرين، فكذلك يصدق في المسألة الأولى الشاهد الأول للشاهد الثاني من أجل أنه لا بد أن يرى ليلة أحد وثلاثين. فالصحيح عندي أن لا فرق بين المسألتين، وأنهما جميعا يتخرجان على قولين؛ لأنهما جميعا متفقان على إيجاب الصيام للتمام من رؤية الأول وإن اختلفا فيما قد شهدا به، إذ قد اختلف الشاهدان في شهادتهما واتفقا فيما يوجبه الحكم فالمشهور أن لا تجوز.

[فصل]

فإذا رأى الهلال الجم الغفير أو ثبت عند الإمام بشهادة شاهدين فأمر بصيامه وجب الصيام على كل من بلغه ذلك بنقل الواحد العدل من باب قبول خبر الواحد لا من باب الشهادة، وذلك مروي عن أحمد بن ميسر قال: إذا أخبرك عدل أن الهلال ثبت عند الإمام وأمر بالصيام أو نقل ذلك إليك عن بلد آخر لزمك الصوم بإخباره من باب قبول خبر الواحد لا من طريق الشهادة. قال ابن أبي زيد: كما ينقل الرجل إلى أهله وولده فيلزمهم الصوم بقوله. وحكي عن أبي عمران أنه طعن في هذا وقال: لا يلزم الرجل الصيام في هذا بقول واحد؛ لأنه شاهد وليس ذلك كنقل الرجل إلى أهله وولده؛ لأنه القائم عليهم فيلزمهم الصيام بقوله. قال: وإنما الرواية عن ابن ميسر في الأصل قال: وإذا وجه القوم رجلا إلى بلد فأخبرهم أنهم رأوا الهلال لزمهم الصيام بقوله. قال: وهذا لا حجة فيه؛ لأنهم لما بعثوه لذلك صار كالمستكشف لهم ولزمهم الصيام بإخباره. وقول أبي عمران لا معنى له، ولا فرق أن يخبرهم دون أن يبعثوه أو بعد أن بعثوه أو يخبر بذلك أهله وولده.

[فصل]

وإنما يفترق ذلك عندي فيما يحكم به الإمام، فإن الإمام إذا بعث رجلا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>