فالسلم في الحيوان والعروض من جملة ما بقي على أصل الإباحة إذ لم يخصه بجملته سنة ولا قياس ولا إجماع.
[فصل]
ومن الدليل أيضا على جواز السلم في الحيوان وما سواه مما يضبط بالصفة ويجوز فيه القرض، قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢]، فلم يخص دينا من دين بل عم جميع الديون، والحيوان من ذلك لجواز تعلقه بالذمة، يشهد لذلك استسلاف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البكر، وقد قال ابن عباس: أشهد أن التسليف المضمون إلى أجل معلوم قد أحله الله وأذن فيه، أما تقرؤون قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة: ٢٨٢] فسواء باع طعاما واكتتب ذهبا أو أعطى ذهبا واكتتب طعاما، قلت: أو ثيابا أو حيوانا، والله أعلم. ومن طريق القياس أن هذا شيء يصح تعلقه بالذمة مهرا أو قرضا، فجاز تعلقه بها سلما، أصل ذلك الطعام، ثبت «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استقرض الطعام وأنه قدم المدينة وهم يسلمون في الثمار إلى السنتين والثلاث، فقال: أسلموا في كيل معلوم ووزن معلوم، إلى أجل معلوم».