النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» وهو بعيد. والثاني قلنا فيه: إنه ما كان بمعنى اليمين على ترك الوطء، وهو المظاهر يترك الكفارة ضررا؛ لأن الوطء يوجب عليه كفارة الظهار ولم تكن واجبة قبل، كما يوجب الوطء الكفارة، على من حلف أن لا يطأ ولم تكن واجبة قبل. والثالث قلنا فيه: إنه اليمين بالطلاق التي يكون الحالف فيها على حنث، وهو أن يقول الرجل: امرأتي طالق إن لم أفعل كذا وكذا. وهو ينقسم على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون ذلك الفعل مما يمكنه فعله مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أدخل الدار وما أشبه ذلك. والثاني: أن يكون ذلك الفعل مما لا يمكنه فعله في الحال ويمكنه في وقت آخر، وذلك مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أحج وهو في أول السنة حيث لا يجد سبيلا إلى الحج. والثالث: أن يكون ذلك الفعل مما لا يمكنه فعله، لعدم الإمكان، مثل أن يقول: امرأتي طالق إن لم أمس السماء أو إن لم أشرب الخمر أو ألج في سم الخياط وما أشبه ذلك.
[فصل]
فأما الوجه الأول فيمنع فيه من الوطء من وقت اليمين. فإن طالبته امرأته بذلك ضرب له أجل الإيلاء ووقف عند تمامه فإما فاء بفعل ذلك وإما طلق عليه وليس له أن يفيء بالوطء؛ لأنه ممنوع منه لكونه على حنث، فإن اجترأ ووطئ سقط ما مضى من أجل الإيلاء واستؤنف ضربه مرة أخرى إن قامت بذلك المرأة وطلبته. فإن فاء بفعل ذلك الفعل سقط عنه الإيلاء ولم يلزمه الطلاق، وإن طلق لم تلزمه طلقة أخرى بفوات ذلك الفعل المحلوف عليه إن كان مما يفوت في حياته على مذهب ابن القاسم، خلافا لابن المواز في قوله: إنه يقع عليه طلقة أخرى بفوات الفعل؛ لأن فواته كانقضاء الأجل. فإن أبى من ذلك طلق عليه الإمام بالإيلاء. وإن طلق عليه الإمام به فارتجع لم تصح رجعته إلا أن يفيء بفعل ذلك الفعل قبل