القراض مأخوذ من القرض. وأصل القرض ما يفعله الرجل ليجازى عليه من خير أو شر، بدليل قول الله عز وجل:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[الحديد: ١١] لأن فيه دليلا على أن القرض قد يكون حسنا وغير حسن. ومن ذلك سمي السلف قرضا لأنه إنما يفعله الرجل بصاحبه ليجازيه الله به.
وسمى الله تعالى إنفاق المال في سبيله ابتغاء ما عنده قرضا حسنا لإمضائه إياه وتبتيله له لوجهه خالصا رجاء ثوابه عليه فقال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[البقرة: ٢٤٥] وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ}[الحديد: ١١] وقال: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}[التغابن: ١٧] فلما كان صاحب المال والعامل فيه على جزء منه منتفعين جميعا يقصد كل واحد منهما إلى منفعة صاحبه لينفعه هو اشتق له من معناه اسم وهو القراض والمقارضة، من قارض يقارض لأنها مفاعلة من اثنين كالمقاتلة والمشاتمة. هذا اسمه عند أهل الحجاز. وأما أهل العراق فلا يقولون قراضا البتة ولا عندهم كتاب القراض، وإنما يقولون مضاربة وكتاب المضاربة، أخذوا ذلك من قول الله عز وجل {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ}[النساء: ١٠١] وقوله: