الجرح خطأ. قاله محمد بن المواز وعاب ما وقع في سماع يحيى من كتاب الديات أن الولاة بالخيار إن شاءوا أقسموا واستحقوا الدم وإن شاءوا اقتصوا من الجرح وأخذوا ديته إن كان خطأ. وعاب ذلك أيضا يحيى بن يحيى وغيره.
وأما الوجه الثاني: وهو أن يثبت الجرح بشاهدين، فهذا يكون الولاة فيه بالخيار بين أن يقسموا فيقتلوا في العمد، أو يقسموا فيستحقوا الدية في الخطأ على العاقلة، وبين ألا يقسموا فيقتصوا من الجرح إن كان عمدا أو يأخذوا ديته إن كان خطأ لثبوته بشهادة شاهدين. وقد وقع في سماع أبي زيد ما يدل على خلاف هذا أن الولاة إذا أبوا أن يقسموا فلا سبيل لهم إلى القصاص من الجرح في العمد ولا إلى أخذ ديته إن كان خطأ، وهو على قياس قول أشهب حسبما ذكرناه هناك.
وأما الوجه الثالث: وهو أن يشهد على الجرح شاهد واحد، فينبغي على ما اخترناه وصححناه في الوجهين المتقدمين أن يفترق في هذا الوجه الخطأ من العمد. فأما الخطأ فيكون الورثة فيه مخيرين بين أن يقسموا على الدم فيستحقون الدية على العاقلة، وبين أن يحلفوا على الجرح يمينا واحدا فيستحقون الدية في مال الجاني أو على العاقلة إن بلغ الثلث فصاعدا. وأما العمد فإن نكل الأولياء عن القسامة على الدم لم يكن لهم سبيل إلى الاقتصاص من الجرح، لأن الجرح لا يقتص منه إلا بشهادة شاهدين أو يمين المجروح مع الشاهد الواحد على الاختلاف المعلوم في ذلك. وأما يمين الورثة إذا مات من الجرح وأبى الولاة أن يقسموا أو لم يمكنوا من القسامة على مذهب من لا يرى القسامة بالشاهد الواحد على الجرح فلا، لأن الورثة لا ينزلون منزلته في استحقاق القصاص باليمين مع الشاهد، وإنما ينزلون منزلته في استحقاق دية الجرح في الخطأ لأنه مال من الأموال فيحلفون ويستحقونه بمنزلة الورثة يقوم لهم شاهد واحد على دين لموروثهم قبل رجل فإنهم يحلفون ويستحقونه.
[فصل]
ولا يقسم في قسامة العمد من ولاة المقتول أقل من رجلين. والأصل في