قد رددت عليك اليمين، احلف أنت وابرأ، فقال: لا أحلف ونكل عن اليمين، لم يستحق المدعي ما نكل عنه، وهو لو حلف عليه لاستحق، إذ لم تجب عليه اليمين التي نكل عنها، فأحرى أن لا يستحق في مسألتنا بنكوله ما نكل عنه إذا نكل صاحبه إذ ما نكل عنه لم يجب عليه، وإذ لو حلف عليه لما استحقه وهذا بين.
[فصل]
فإذا قلنا: معنى ما ذهب إليه ابن حبيب أن القول قول البائع مع يمينه، فهو أظهر من قول ابن القاسم؛ لأن البائع إذا نكل أولا عن اليمين، فمن حجته أن يقول إذا نكل المبتاع، أنا أحلف لقد بعت سلعتي بكذا وكذا؛ لأنني في ذلك مدع على المبتاع، فلما نكل عن اليمين وجب لي أن أحلف وآخذ على حكم المدعي والمدعى عليه، ولو كان من حقي أن أحلف وآخذ ما حلفت عليه لم أنكل عن اليمين، فإن نكل البائع على هذا عن اليمين بعد نكول المبتاع حلف المبتاع وأخذ السلعة لما حلف عليه، وهذا كله بين؛ لأن البائع في التمثيل مدع على المبتاع أنه ابتاع بعشرة، فلما نكل عن اليمين وجب أن يحلف هو ويستحق العشرة، والمبتاع مدع على البائع أنه باع بثمانية، فلما نكل عن اليمين وجب أن يحلف هو ويستحق السلعة بثمانية، وكذلك على هذا إذا اختلف المتكاريان في عدد الكراء أو في نوعه وجملة المسافة، أو في غايتها فنكلا عن اليمين يكون القول قول المكري مع يمينه، فإن نكل عن اليمين، كان القول قول المكتري مع يمينه إلا في اختلافهما في جملة المسافة، فيأتي على هذا أنه إن نكل كل واحد منهما عن الحلف على تكذيب قول صاحبه، حلف كل واحد منهما على ما ادعى واستحقه على صاحبه، فلزم المكتري أن يمضي مع المكري إلى البلد الذي حلف عليه، ولزم المكري أن يمضي مع المكتري إلى البلد الذي حلف عليه أيضا، فلو قال قائل: إن معنى قول ابن القاسم إن نكلا ترادا، أما وإن كل واحد منهما نكل عن اليمين قبل نكول صاحبه، وبعد نكوله وأبى من اليمين جملة، لقلت له: ما أبعدت في التأويل، ولقد قلت قولا