ليس بعام. قال سفيان: ما يعم جعفر يعمنا إذا كنا صالحين، وما يخصه يخصنا، فتأذن لي أن أحدث في مجلسك؟ قال: نعم يا أبا محمد. قال: حدثني عبد الله بن طاووس، عن أبيه عن عبد الله بن عباس قال:«لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة اعتنقه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقبل بين عينيه وقال: جعفر أشبه الناس بي خلقا وخلقا، ما أعجب ما رأيت بأرض الحبشة» الحديث. ولما لم يرو عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه فعلها إلا مع جعفر بن أبي طالب رأى ذلك خصوصا له، وكره ذلك للناس إذ لم يصحبها العمل من الصحابة بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ ولأنها مما تنفر عنها النفوس في كل وقت، إذ لا يمكن في الغالب إلا لوداع من طول اشتياق لغيبة، أو مع الأهل وما أشبه ذلك. وفارقت عنده المصافحة لوجود العمل بها. ووجه إجازتها اعتبارها بالمصافحة. وقد روي من «حديث أبي ذر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصافحه فجاءه قرة فلزمه» وهذا يمكن أن يكون فعله مرة ولم يداوم عليه.
[فصل]
ويكره تقبيل اليد في السلام. وقد سئل مالك عن الرجل يقدم من السفر فيتناول غلامه أو مولاه يده فيقبلها فقال: إن ترك ذلك أحب إلي. وهو كما قال: ينبغي لمولاه أو سيده أن ينهاه عن ذلك؛ لأنه بإسلامه أخوه في الله فلعله أفضل منه عند الله إلا أن لا يكون مسلما فلا ينهاه عن ذلك؛ لما جاء من «أن اليهود أتوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسألوه مختبرين له عن تسع آيات بينات فلما أخبرهم بها قبلوا يديه ورجليه» في حديث طويل.
[فصل]
ولا يبدأ أهل الذمة بالسلام؛ لأن السلام تحية وإكرام، وقد قال الله عز وجل:{تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}[النور: ٦١] فيجب ألا يكون الكافر أهلا لها. هذا