من طريق المعنى. وقد جاء بذلك الأثر أيضا. روي عن أبي عبد الرحمن الجهني قال: سمعت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«أي راكب غدا إلى يهود فلا تبدؤوهم بالسلام، وإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم». وقد روي أيضا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثله بمعناه من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. وقد روى أشهب عن مالك في الجامع من العتبية أنه لا يسلم على أهل الذمة ولا يرد عليهم، ومعناه أنه لا يرد عليهم بمثل ما يرد على المسلمين وأن يقتصر في الرد عليهم بأن يقال: وعليكم على ما جاء في الحديث. وجاء في حديث الموطأ أن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السلام عليكم، فقل: عليك بغير واو. والذي ينبغي في هذا أن يقول في الرد: عليك - بغير واو - وإن تحققت أنه قال في سلامه: السام عليك وهو الموت، أو السلام عليك - بكسر السين - وهي الحجارة فقل عليك بغير واو. وإن شئت قلت: وعليك بالواو؛ لأنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا، على ما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. روي عن عائشة «أن اليهود دخلوا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: السام عليكم، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وعليكم. فقالت عائشة: السام عليكم ولعنة الله وغضبه يا إخوة القردة والخنازير، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا عائشة عليك بالحلم وإياك والجهل، فقالت: يا رسول الله: أما سمعت ما قالوا، فقال لها: أما سمعت ما رددت عليهم فاستجيب لنا فيهم ولم يستجب لهم فينا» وإن لم تتحقق ذلك قلت وعليك. قالوا: ولأنك إن قلت عليك بغير واو وكان هو قد قال: السلام عليك كنت قد نفيت السلام عن نفسك ورددته عليه. ومن أخطأ فابتداء اليهودي بالسلام لم يلزمه أن يقول له: إني إنما بدأتك بالسلام؛ لأني ظننتك مسلما فلا تظن أني قصدتك بذلك وأنا أعلم أنك لست بمسلم، وهذا معنى قول مالك في موطئه: إنه لا يستقيل اليهودي في سلامه من سلم عليه؛ لأنه إن فعل ذلك فقد رجع له في إكرامه له بالسلام وبطلت غبطة الذمي بذلك. وقد قال الداودي معنى ذلك: لا يسأله أن