إنه لا يقطع حتى يعينها وهو قول ابن القاسم في رسم العتق من سماع أشهب من الكتاب المذكور. فإذا قلنا: إنه يقطع بمجرد إقراره دون تعيين على ظاهر ما في كتاب السرقة من المدونة فله أن يرجع عن إقراره وإن لم يأت بوجه، وهو ظاهر ما في المدونة ولا خلاف عندي في هذا الوجه. وإذا قلنا: إنه لا يقطع إلا أن يعين فاختلف هل له أن يرجع عن إقراره بعد التعيين أم لا على قولين مرويين عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقعا له في سماع عيسي من كتاب السرقة. والقولان هاهنا عندي إنما هما إذا قال إنما أقررت لوجه كذا، وأما إن جحد الإقرار أصلا بعد التعيين فلا يقال قولا واحدا.
وأما إذا ضرب أو هدد فأقر فلا يقطع بمجرد إقرار، فإن عين فاختلف هل يقطع أم لا على قولين قائمين من المدونة وغيرها. فإذا قلنا إنه يقطع على أحد القولين فإنما يقطع ما لم يرجع عن إقراره، وإن رجع عن إقراره أُقيل بلا خلاف. وإذا قلنا: إنه لا يقطع على القول الثاني فإن تمادى على إقراره بعد أمن ففي المدونة أنه يقطع. وقال ابن الماجشون: إنه لا يقطع.
[فصل]
فلرجوع السارق عن إقراره بالسَّرْق ثلاثة أحوال:
حال يقبل رجوعه فيها إن أتى وبه شبهة، ويحلف إذا جحد الإقرار أصلا وهي الحال التي يتفق على وجوب القطع فيها وعلى قبول رجوعه، وذلك إذا أتى تائبا مستهلا ثم رجع.
وحال يقبل رجوعه فيها وإن جحد الإقرار أصلا قولا واحدا وهي الحال التي لا يتفق على وجوب القطع عليه فيها، وذلك إذا أقر بعد أن يؤخذ ولم يعين ثم رجع، وإذا أقر بعد الضرب أو التهديد وعين ثم رجع.
وحال لا يقبل رجوعه إذا جحد الإقرار أصلا قولا واحدا، ويختلف إذا قال: أقررت لوجه كذا وكذا، وهي الحال التي يتفق على وجوب القطع عليه فيها، ويختلف في قبول رجوعه، وذلك إذا أقر بعد أن يؤخذ وعين ثم رجع. وبالله التوفيق.