من محتملاتها إلا أن يدل الدليل على أن المراد غير الوجوب من ندب أو إباحة أو نهي أو تعجب أو دعاء، لأن هذه المعاني كلها قد ترد بلفظ الأمر. قال الله عز وجل:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢]. وقال تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ}[الجمعة: ١٠] فهذا أمر والمراد به الإباحة. وقال:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}[النساء: ٨] فهذا أمر والمراد به الندب والإرشاد وقال: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}[الزمر: ١٥] هذا أمر والمراد به النهي. وقَوْله تَعَالَى لإبليس:{وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ}[الإسراء: ٦٤]. وقال تعالى:{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}[مريم: ٣٨] فهذا أمر والمراد به التعجب. وقال تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة: ٦] فهذا أمر والمراد به الرغبة والطلبة، لأن أمر أحد لا يتوجه إلا لمن دونه.
[فصل]
والدليل على أن مراد الله تعالى بقوله:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣] الندب لا الوجوب إجماعٌ للأمة على أنه غير واجب على أحد أن يعتق عبده ولا أن يبيعه. والكتابة لا تخلو من أن تكون عتقا أو بيعا منه لعبده، وهي إلى العتق أقرب، لا ينتزع ماله ويعتقه، وقد كان له أن ينتزعه ولا يعتقه، مع الإجماع أيضا على أنه ليس على من ملك العبد أن يأذن له في التجارة، والكتابة إذن له منه فيها. ومما دل