الإعذار إلى المطلوب فيها؛ وأما الشاهد المعروف بالجرحة فلا تجوز شهادته إلا أن تثبت توبته من الجرحة التي علم بها، وسواء علم القاضي بجرحته أو ثبت عليه عنده.
وأما الشاهد المجهول الحال، فيتوقف في شهادته حتى يسأل عنها، ولا يحمل على جرحة ولا عدالة، ومن أهل العلم من رأى أنه محمول على العدالة حتى يعلم جرحته على ظاهر قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد أو مجرب عليه شهادة زور - وهو قول الحسن، ومذهب الليث بن سعد، فعلى قول هؤلاء لا يحتاج إلى التزكية، وإنما يقول القاضي للمشهود عليه: دونك فجرح إن كان عندك ما تدفع به شهادة من شهد عليك، وأجاز ابن حبيب شهادة المجهول الحال على التوسم فيما يقع بين المسافرين في السفر للضرورة إلى ذلك، قياسا على إجازة شهادة الصبيان فيما بينهم في الجراح.
من أصحابنا المتأخرين من أجاز شهادة المجهول الحال في اليسير جدا من المال، وهذا كله استحسان؛ والقياس ألا تجوز شهادة أحد حتى تعرف عدالته، لقول الله عز وجل:{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢] وقد اتفقوا في الحدود، والقصاص على أن الشهادة لا تجوز في ذلك إلا بعد المعرفة بعدالة الشاهد، وهذا يقضي على ما اختلفوا فيه- إن شاء الله.
[فصل في مراتب الشهود في الشهادات على مذهب مالك]
وأما مراتب الشهود في الشهادات، فإنها إحدى عشرة مرتبة: فأولها الشاهد المبرز في العدالة العالم بما تصح به الشهادة، ثم الشاهد المبرز في العدالة غير العالم بما تصح به الشهادة، ثم الشاهد المعروف بالعدالة غير العالم بما تصح به الشهادة، ثم الشاهد المعروف بالعدالة إذا قذف قبل أن يحد، ثم الشاهد الذي يتوسم فيه العدالة، ثم الشاهد الذي لا يتوسم فيه العدالة ولا الجرحة، ثم الشاهد