عن كثير من أصحاب مالك أنه لا يجوز إقراره على نفسه بجناية العمد لأنه لا يجوز له أن يتلف نفسه على سيده.
[فصل]
وأما جنايات العبيد على الأحرار فإنها تنقسم على وجهين:
أحدهما: جناياتهم عليهم في النفس.
والثاني: جناياتهم عليهم فيما دون النفس من الجراح.
فأما جناياتهم عليهم في النفس فلا يخلو إذا قتل العبد الحر أن يكون ذلك خطأ أو عمدا. فإن كان خطأ خير سيد القاتل بين أن يسلمه أو يفتكه بالدية، فإن اختار افتكاكه بالدية قيل يفتكه بالدية حالة وهو مذهب ابن القاسم في المدونة، قاله في مسألة العبد والحر يصطدمان وقيل يفتكه بالدية مؤجلة في ثلاثة أعوام. وقاله ابن القاسم عن مالك في سماعه من كتاب الديات، وهو ظاهر في سماع أصبغ من الكتاب المذكور في مسألة الحر والعبد يصطدمان. وإن كان عمدا خير أولياء الحر بين أن يقتلوا العبد أو يستحيوه، فإن قتلوه بقي ماله لسيده، وإن أخذوه ليقتلوه فاستحيوه ففي ماله قولان: أحدهما: أن المال يكون للسيد كما لو قتلوه، والثاني: أن المال يكون تبعا له كما لو استحيوه فأسلم إليهم في الجناية. والقولان في سماع أصبغ من كتاب الديات. وأما إن استحيوه فأسلم إليهم فلهم أن يأخذوه في الجناية بماله إلا أن يشاء سيده أن يفتكه بماله منهم بدية الحر المقتول فيكون ذلك له. وقد قيل إن ماله إن كان عينا فيه وفاء بالجناية لم يخير سيده ووديت الجناية من ماله.
[فصل]
وأما جناياتهم عليهم فيما دون النفس من الجراح فسواء كان الجرح عمدا أو خطأ لأن العبد لا يقاد من الحر بالجراح، فيخير سيد العبد الجارح بين أن يسلمه أو يفتكه بدية الجرح حالا إن كان عمدا، أو أقل من الثلث إن كان خطأ. وإن كان الجرح خطأ وأرشه أكثر من الثلث فعلى الاختلاف المذكور.