للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجعل الله تعالى له الأرض كالطست بين يديه يتناول منها حيث يشاء. وقد قيل: إن ملك الموت له أعوان يتولون قبض الأرواح بأمره ثم يلي هو قبضها منهم، فيرفع روح المؤمن إلى ملائكة الرحمة وروح الكافر إلا ملائكة العذاب، فيكون فعل أعوان ملك الموت مضافا إلى ملك الموت، كما يقال قتل السلطان وجلد وكتب وإن لم يفعل ذلك بيده وإنما فعله أعوان بأمره، والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة ذلك كله.

[فصل]

فملك الموت يقبض أرواح كل حي في البر والبحر وذهب أهل الاعتزال إلى أن ملك الموت يقبض أرواح بني آدم، وأن أعوانه يقبضون أرواح البهائم، وهذا تحكم بغير دليل ولا برهان، إذ لا يصح أن يقال هذا إلا بتوقيف ممن يصح له التسليم، فإذا عدمنا ذلك صح ما ذهب إليه أهل السنة؛ لأن الله تبارك وتعالى قد نص على أن ملك الموت يقبض أرواح بني آدم، وقام الدليل من قَوْله تَعَالَى ملك الموت على أنه يقبض روح كل حي من الجن والإنس وغيرهم؛ لأن الموت اسم عام مستغرق للجنس، فلا يصح أن يخصص في بعض أنواع الحيوان دون بعض إلا بدليل.

[فصل]

وليس ينافي شيء من هذا قول الله تبارك وتعالى. {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعام: ٦٠]، وقول الله تبارك وتعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: ٤٢]؛ لأن ملك الموت وإن كان قابض الأرواح ومتوفي الأنفس بإذن ربه، فالقابض على الحقيقة والمتوفي هو الله رب العالمين المحيي المميت خالق الموت والحياة، وإنما لملك الموت في ذلك الكسب بفعل ما قدره الله عليه مما أجرى الله العادة أن يخلق الموت عنده لا غير.

<<  <  ج: ص:  >  >>