العقود التي يكرهها ابتداءً فإذا وقعت صح العقد وبطل الشرط؛ وذلك أن العقود المقترنة بها الشروط، تنقسم على ثلاثة أقسام؛ منها ما يبطل العقد والشرط، وهو ما كان الشرط المشترط فاسدا له تأثير في الثمن، كالذي يبيع الدابة على أن يسافر عليها سفرا بعيدا وما أشبه ذلك، ومنها ما يصح البيع والشرط، وهو ما كان الشرط المشترط حلال لا يئول به البيع إلى غرر ولا فساد في ثمن ولا مثمون، كالذي يبيع الدابة على أن يركبها اليوم واليومين وما أشبه ذلك. ومنها ما يصح البيع ويبطل الشرط وهو ما كان الشرط فاسدا إلا أنه خفيف لا يرى أنه نقص من الثمن ولا زاد فيه من أجله شيئا، وذلك مثل أن: يبيع السلعة على أنه إن لم يأته بالثمن إلى يومين أو ثلاثة فلا بيع بينهما، ومثل أن: يبيع الثمرة على أن لا قيام له عليه بجائحة إن أجيحت وما أشبه ذلك، فرأى عقد الإجارة في مسألتنا على هذا الشرط من هذا القبيل من الشروط إذ غلب على ظنه أن العامل إنما شرط على رب العين شق ما وجده من صفا فيها، والأغلب عندهما أنه لا صفا فيها لندور الصفا في ذلك الموضع على ما قد علم بالاختيار، فلم يحط من الإجارة لذلك الشرط شيئا ولا كان له تأثير فيها فأمضاها إذا وقعت وأسقط الشرط مع كراهيته لها ابتداء، كما أمضى البيع بشرط إسقاط الجائحة إذا وقع وأبطل الشرط إذ لم ير له تأثيرا في الثمن؛ لأن الأغلب السلامة من الجوائح وأراد العامل لما شق ما وجد في الأرض من صفا، وقد كان اشترط ذلك على رب العين أن يحفر له رب العين بدلها ويستحق هو إجارته كلها على ما اشترطا؛ فلم ير ذلك مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وذهب إلى أن الشرط ينفسخ والعقد على ذلك مكروه ابتداء على ما بيناه، فقال لهما: قد دخلتما في أمر لا خير فيه، فأرى عليك - يريد على صاحب العين قدر ذلك الموضع يريد قيمة حفر ذلك الموضع الذي شقه الرجل يريد العامل ولم يكن ذلك عليه، لاشتراطه إياه على صاحب العين؛ ومعنى ذلك على أصولهم - إن كان رب العين ممن يستأجر على شق ذلك ولا يتولاه بنفسه وعبيده، وسكت مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن تمام الحكم في