قد ترتب في ذمته من الحرام ما يستغرق ما بيده من الحلال، فاختلف في معاملته وقبول هبته وأكل طعامه على أربعة أقوال:
أحدها: أن ذلك كله لا يجوز وإن كانت السلعة التي وهب أو الطعام الذي أطعم قد علم أنه اشتراه. وأما إن علم أنه ورثه أو وهب له فيكون حكمه حكم ما اشتراه.
والثاني: أن معاملته ومبايعته تجوز في ذلك المال وفيما ابتاعه من السلع وفيما وهب له أو ورثه وإن كان عليه من التباعات ما يستغرقه إذا عامله بالقيمة ولم يحابه. ولا تجوز هبته في شيء من ذلك ولا محاباته فيه.
والثالث: أن مبايعته لا تجوز في ذلك المال، فإن اشترى سلعة بذلك المال جاز أن يشترى منه وأن تقبل منه هبته. وكذلك ما ورثه أو وهب له وإن كان ما عليه من التباعات قد استغرقه، روي هذا القول عن ابن سحنون وابن حبيب. وكذلك هؤلاء العمال ما اشتروه في الأسواق فأهدوه لرجل طاب للمهدى له.
والرابع: أن مبايعته وقبول هبته وأكل طعامه يجوز في ذلك المال وفيما اشتراه أو وهب له أو ورثه وإن كان عليه من التباعات قد استغرقه. فعلى هذا القول يجوز أن يورث عنه ذلك ويسوغ للوارث بالوراثة.
واختلف على القول بأن مبايعته في ذلك المال وقبول هبته وأكل طعامه لا تجوز هل يسوغ للوارث بالوراثة أم لا على قولين:
أحدهما: أن ذلك يسوغ له بالوراثة ولا يسوغ له بالهبة، وهو الذي ذهب إليه سحنون على ما وقع في نوازله من جامع العتبية.
والثاني: إنه لا يسوغ له بالميراث كما لا يسوغ له بالهبة، ويلزم الوارث من