وعمدتم لها وأردتم إصلاح أمرها من قولهم هو يقوم بأمر القوم، وفلان قائم بأمر فلان وبدولة السلطان، وقائم بشأنه وقائم على ماله، أي بالإصلاح والتعاهد. وفي تعليق الله الأمر بالوضوء بإرادة الصلاة بيان ظاهر أن الوضوء يراد للصلاة ويفعل من أجلها وأنه فرض من فرائضها وشرط في قبولها وصحتها، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور»، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقبل الله صلاة امرئ أحدث حتى يتوضأ». ودليل واضح على افتقاره إلى النية لأن الله تعالى قد شرط في صفة فعله إرادة الصلاة. وفعله من أجلها وإذا فعله تبردا أو تنظفا فلم يفعله على الشرط الذي شرطه الله في فعله وذلك يوجب أن لا يجزئه. وهذا أمر متفق عليه في المذهب، خلافا لأبي حنيفة وأصحابه في قولهم إن الغسل والوضوء يجزئ بغير نية بخلاف التيمم، وخلافا للأوزاعي في قوله إن الغسل والوضوء والتيمم تجزئ بغير نية. والدليل على صحة قول مالك قول الله عز وجل:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥]. وقال تعالى:{هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[غافر: ٦٥] والوضوء من الدين فوجب أن لا يجزئ بغير نية وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنما الأعمال بالنيات»، والوضوء عمل من الأعمال فوجب أن لا يجزئ بغير نية. ومن طريق القياس على من فرق في ذلك بين الوضوء والتيمم أن الوضوء طهارة تتعدى محل موجبها فافتقرت إلى النية كالتيمم. وإنما الكلام في المذهب هل من شرط صحة النية في الوضوء والغسل من الجنابة أن تكون مقارنة لأول الفعل أم لا ويجزئ إذا تقدمتها بيسير. وقد أشبعنا الكلام في هذا في كتاب ردنا على المرادي فمن أراد الوقوف على ذلك فليتأمله هناك.