ورثته بعد وفاته - وذلك ممنوع؛ لأن الله تعالى فرض الفرائض لأهلها، وتوعد على تعديها فقال:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٢٩]، وقال:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[النساء: ١٣]{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}[النساء: ١٤]، وبذلك ورد الخبر أيضا عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
فأما خبر أبي بكر الصديق، فهو حديثه في قصة عائشة أنه كان نحلها جداد عشرين وسقا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه لكان لك، وإنما هو اليوم مال وإرث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله؛ قالت عائشة: فقلت يا أبت والله لو كان كذا وكذا، لتركته وإنما هي أسماء، فمن الأخرى، فقال: ذو بطن بنت خارجة أراها جارية.
وأما خبر عمر بن الخطاب؛ فقوله ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم، قال مالي بيدي لم أعطه أحدا؛ وإن مات هو قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه من نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها حتى تكون إن مات لورثته فهي باطل.
وأما خبر عثمان بن عفان، فقوله: من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يجوز نحله فأعلن ذلك وأشهد عليه، فهي جائزة وإن وليها أبوه فأوجب الحيازة فيما وهب الأب لابنه الكبير، ورخص في حيازته ما هب لابنه الصغير.