فلان، فاختلف قول مالك: هل تكون صدقة محرمة لا ترجع إلى المحبس وتكون بعد موت المحبس عليه لأقرب الناس بالمحبس حبسا عليه، أو لا تكون صدقة محرمة وترجع بعد موت المحبس عليه إلى المحبس - ملكا مطلقا يبيعه ويصنع به ما شاء على قولين منصوصين عليه في المدونة، وسواء قال حياته أو لم يقل حياته.
هذا ظاهر المدونة، وهو قول سحنون؛ وقد قيل إنه إن قال حياته، رجع بعد موته إلى المحبس ملكا، وإن لم يقل حياته رجع بمرجع الأحباس على أقرب الناس بالمحبس. قاله ابن المواز، وهو غير بين في المعنى، إلا أن يقول حبسا صدقة أو حبسا لا يباع ولا يوهب، فحكى ابن القاسم في المدونة أن قول مالك لم يختلف في هذا: أنها تكون صدقة محرمة ترجع بمرجع الأحباس إلى أقرب الناس بالمحبس؛ ولا ترجع إلى المحبس ملكا مطلقا، وليس ذلك بصحيح، وقد روى ابن عبد الحكم عن مالك في كتابه: أنها ترجع إليه ملكا بعد موت المحبس عليه. وإن قال حبسا صدقة إذا كان على معين - وهو قول ابن وهب في العتبية أنه يرجع إليه ملكا مطلقا - إذا حبس على معين - وإن قال في حبسه لا يباع ولا يوهب، لاحتمال قوله لا يباع ولا يوهب حياة المحبس عليه.
وأما الوجه الثاني: وهو أن يحبس داره أو عقاره على مجهولين غير معينين ولا محصورين مثل أن يقول على المساكين، أو في السبيل، أو على بني زهرة، وما أشبه ذلك؛ فإن هذا ليس فيه اختلاف أنها صدقة محرمة موقوفة على الوجه الذي سبلها فيه لا ترجع إلى المحبس أبدا.
وأما الوجه الثالث وهو أن يحبس على محصورين غير معينين مثل أن يقول هذه الدار حبس على ولد فلان، أو على عقبه، أو على بنيه، أو على نسله، أو على ذريته، وما أشبه ذلك؛ فإن هذا ليس فيه اختلاف أنها صدقة محرمة لا ترجع إلى المحبس وتكون بعد انقراض المحبس عليهم - حبسا على أقرب الناس