وهل الهبة والصدقة بمنزلة العرية أم لا على ما أذكره إن شاء الله، أما أبو عمر بن القطان، فكان يقول قول ابن حبيب مفسرا لما في المدونة في العرية والهبة والصدقة، ولا فرق بين العرية والهبة والصدقة في أن المعري أو الواهب أو المتصدق، إذا مات فلا شيء للمعرى أو الموهوب له أو المتصدق عليه إلا أن يكون كل واحد منهم قد قبض الأصول قبل موته وطلعت فيها الثمرة، وكان يحتج لمساواته بين الهبة والعرية والصدقة برواية يحيى عن ابن القاسم في كتاب الهبات والصدقات من العتبية الواقعة في رسم الصلاة منه؛ ورأيت لأبي مروان بن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه كان يقول ما قال ابن حبيب خلاف لما في المدونة - يريد والله أعلم أن العرية تصح للمعرى بقبض الأصول في حياة المعري وإن لم تطلع فيها الثمرة على ظاهر ما وقع في كتاب الهبة والصدقة في الهبة والصدقة، فتستوي عنده الهبة والعرية في أنها تصح للمعرى والموهوب له بقبض الأصول وإن لم تطلع فيها الثمرة؛ وكان الفقيه أبو جعفر بن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول قول ابن حبيب مفسر لما في المدونة في العرية، وخلاف لما فيها في الهبة والصدقة؛ ومذهبه في المدونة: الفرق بين العرية والهبة، هذا قوله وتأويله وهو أظهر التأويلات على ما في المدونة؛ وأشهب يقول إذا أبرت النخل قبل موت المعري صحت للمعرى، لأنه لا يمنع من الدخول إلى عريته؛ وأما إن قبض الأصول وحازها؛ فهي له وإن لم تؤبر. وأما إن مات المعرى فلا تجب لورثته العرية، وإن كان قد قبضها، إلا أن يكون مات بعد طيب الثمرة، هذه رواية محمد بن خالد عن ابن القاسم في العتبية حملها محمل الحبس لا محمل الهبة، وذلك صحيح على قياس القول بأن السقي والزكاة على المعرى، ويلزم على قول أشهب في الحبس أن الثمرة تجب لورثة المحبس عليه بالإبار: أن تجب أيضا لورثة المعرى بالإبار، وبالله التوفيق.