القسم، يدل على أن الخرص إنما كان في القسمة بين المسلمين واليهود، فهو حجة لمالك فيما قاله، وتابعه عليه جميع أصحابه من جواز قسمة ثمر النخل بالقسمة بين الشركاء بالخرص، لأن اليهود كانوا. أشراكا للمسلمين في الثمر بعملهم؛ ويحتمل أن يكون هذا في طائفة من اليهود في بعض حصونهم ومواضعهم. وجاء في سائر الآثار من تضمين اليهود نصيب المسلمين بما خرص عليهم ومن تخييرهم في أخذه دون ذكر ضمان مع طوائف غيرها في مواضع سواها، لأن خيبر كانت حصونا كثيرة؛ فأما تخييرهم في أخذهم الثمر في رؤوس النخل بما خرص عليهم من الثمر، ليؤدوه عند الجداد من غير تضمين فليس بضيق، وقد أجازه جماعة من أهل العلم، وهو على قياس ما قاله مالك في الخرص بسبب الزكاة؛ وأما تخييرهم في التزامهم الثمرة في رؤوس النخل بما خرصت به عليهم من الثمر يؤدونه عند الجداد مضمونا عليهم فهو من المزابنة، ولا يكون ذلك إلا منسوخا كما ذكرنا - والله أعلم. وقد ذكر عن بعض أهل العلم إجازته وهو بعيد. وأما المساقاة فمحكمة غير منسوخة، بدليل ما ذكرناه من إقرار أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اليهود على المساقاة التي ساقاهم عليها النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ ومن أجوبتنا على أن يهود خيبر لم يكونوا عبيدا للمسلمين. أن أبا بكر وعمر أقراهم على المساقاة، ثم أجلاهم عمر إلى الشام، ولو كانوا عبيدا للمسلمين، لم يكن ليتلف عليهم أموالهم، فليس أهل العنوة بعبيد إذا أقروا في مواضعهم، وضربت عليهم الجزية؛ وإنما هم أهل ذمة أحرار وقد سئل ابن القاسم عن نساء أهل الذمة الذين أخذوا عنوة مثل أهل مصر، هل يحل أن ينظر الرجل إلى شعورهن؛ قال: لا يحل أن ينظر الرجل إلى شعورهن ولا إلى شيء من عوراتهن؛ قيل له ليس هن بمنزلة الإماء؛ قال: لا بل هن أحرار، كان دية من قتل منهن خمسمائة، ومن أسلم منهن كان حرا، فهن أحرار يحرم منهن ما يحرم من الأحرار؛