قد يأخذ السلعة وقيمتها ألف دينار ويردها وقيمتها مائة دينار فيذهب العامل ببعض رأس المال، أو يأخذها وقيمتها مائة دينار فيردها وهي تساوي ألف دينار فيذهب رب المال بأجرة العامل. وإن كان الثمن الذي يبيعه به هو رأس المال فقد اشترط رب المال منفعة لنفسه على العامل فيما تحمل عنه من مؤونة بيعها وما يكفيه من ذلك. وإن كان قيمتها يوم يدفعها إليه هو رأس المال كان رب المال قد باع منه العرض بما قوماه به على أنه إن باعه بأقل من ذلك جبره من ربحه، وإن كان باعه بأكثر من ذلك كان له نصف الفضل، فذلك المز من الغرر البين والمزابنة، كمن دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه بعشرة دنانير على أن عليه ما نقص وله بعض ما زاد. وإن كان رأس المال قيمتها يوم التفاضل فذلك أيضا غرر بين، لأن قيمته يوم التفاضل مجهولة فيكون العامل يعمل على رأس مال مجهول، قد يكثر فيغترق ربحه أو يقل فيذهب ببعض رأس مال رب المال، فصارت جميع وجوه هذه المسألة إلى غرر وفساد. غير أن الحكم فيها يختلف إذا نزلت على مذهب ابن القاسم. فأما إذا جعلا رأس المال الثمن الذي يبيعه به فإنه تكون له إجارة مثله في بيعه العرض، ثم يرد إلى قراض مثله في الثمن إذا لم يعثر عليه إلا بعد العمل، وهو في سائر الوجوه أجير له إجارة مثله. وذكر ابن وهب في موطئه قول عبد العزيز بن أبي سلمة الواقع في المدونة إذا قارضه بعرض وقوماه بقيمته إنه أجير، فقال ابن وهب: أباه مالك. فعلى ما تأول ابن وهب على مالك أن القراض كيفما وقع له إجارة مثله في بيعه العرض ثم يرد إلى قرض مثله بعد ذلك، وهذا إذا باع العرض بعين. وأما إذا باعه بعرض فلا يصح أن يدخل فيه اختلاف ويرد إلى إجارة مثله قولا واحدا. والأول أبين أن يرد إلى إجارة مثله باع بعين أو بعرض. فإن لم يبينا في القراض بالعروض ما جعلا رأس المال ولم يزد معطى العروض قراضا على أن قال خذ هذا العرض فاعمل به قراضا فذلك بمنزلة أن لو قال له: بعه واعمل به قراضا، قاله ابن المواز. فأجير وكره. روى أشهب عن مالك إجازته، وروى ابن القاسم عنه كراهيته. فإن وقع لم يفسخ، عمل أو لم يعمل، قاله ابن القاسم، إلا أن يكون قال صرفها أو استضربها واعمل بها