واحد منهما ما تقبل صاحبه من العمل، فكان كل واحد منهم وكيلا لصاحبه على ذلك. والدليل على صحة قول مالك في إجازة شركة الأبدان بين الصناع وغيرهم ممن لا ضمان عليهم قول الله عز وجل:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١] فجعل الغانمين شركاء فيما غنموا بقتالهم وأفاءت عليهم سيوفهم، وليس هناك مال ولا تجارة، وإنما هي شركة أبدان بغير ضمان. فالآية حجة على الشافعي في المنع من شركة الأبدان بكل حال، وعلى أبي حنيفة في المنع من شركة الأبدان فيما لا ضمان فيه كالاحتطاب، والاصطياد. ومن الحجة لمالك ما روي أن «ابن مسعود شارك سعدا يوم بدر فأصاب سعد فرسين ولم يصب ابن مسعود شيئا ولم ينكر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عليهما.» وذهب سحنون إلى أن الصانعين إذا اشتركا لا يضمن أحدهما ما تقبل صاحبه من المتاع إلا أن يجتمعا على أخذه، ولا يلزم أحدهما ضمان العمل عن صاحبه إلا أن يلتزما ذلك، خلاف مذهب ابن القاسم في الوجهين. فقول ابن القاسم في الشريكين الصانعين إذا مرض أحدهما أو غاب الغيبة الطويلة فعمل صاحبه في مرضه أو غيبته إنه لا يكون متطوعا له بعمله صحيح على أصله، لأنه عمل عنه بما لزمه من الضمان، فوجب له الرجوع عليه بقيمة عمله. وهذا معنى قوله إن ما عمل يكون له دون المريض أو الغائب إلا أن يحب أن يعمل له نصف عمله، وليس ذلك بمعارض لقوله في كتاب الجعل والتجارة إن الرجل إذا استأجر أجيرين لحفر بئر فمرض أحدهما وعمل الآخر إنه متطوع له بعمله، إذ ليس أحدهما بضامن عن صاحبه، وإنما تستوي المسألتان على قول سحنون الذي لا يجعل أحد الشريكين الصانعين ضامنا عن صاحبه، وقد قال إن إحداهما ترد إلى الأخرى، وذلك صحيح على أصله غير لازم لابن القاسم على أصله. وقوله في مسألة الجعل والإجارة إن الحافر متطوع لصاحب البير ليس بخلاف لقول ابن القاسم لأنه حمل الإجارة على أنها معينه تنفسخ بالموت