وعلى قول مالك هذا لو علم الوكيل بموت موكله فباع ولم يعلم المشتري بذلك فتلفت السلعة المبيعة عنده لكان الوكيل ضامنا لقيمتها لانفساخ الوكالة في حقه لعلمه بموته وتعديه فيما لا تصرف له فيه، ولم يكن على المشتري أن يرد الغلة إذا أخذت منه السلعة. ولو لم يعلم الوكيل بموته وعلم المشتري لكان عليه أن يرد الغلة إذا أخذت منه السلعة. ولو لم يعلم الوكيل بموته وعلم المشترى لكان عليه أن يرد الغلة إذا أخذت منه السلعة لتعديه بابتياع ما قد انفسخت الوكالة فيه في حقه. وقول مالك هذا في كتاب الوكالة مثل قول ابن القاسم في كتاب الشركة في الشريكين يفترقان فيقضي الغريم أحدهما إنه إن علم فهو ضامن لنصيب الذي لم يدفع إليه ويرجع على الذي دفع إليه بما غرم للشريك الذي رجع عليه لانفساخ الوكالة بعلمهما جميعا. وإن لم يعلم فلا ضمان عليه إذ لم تنفسخ الوكالة في حقه على ما قدمناه، ويكون الشريك الذي قبض ضامنا لحصة شريكه مما قبض لانفساخ الوكالة في حقه بعلمه.
والثالث: أنه لا يكون الوكيل معزولا إلا بوصول العلم إليه، فإذا وصل العلم إليه كان معزولا في حقه وحق من اقتضى منه وبايعه. وهذا قول أشهب لأنه قال إذا علم الوكيل بعزله ولم يعلم الغريم إنه ضامن بخلاف إذا لم يعلما.
فإن قيل إنه قد قال إنه ضامن أيضا إذا علم وإن لم يعلم الوكيل فقيل إنه يكون معزولا في حقهما جميعا بعلم أحدهما.
قلنا: لا نقول ذلك ولا يصح، لأنه إنما ضمنه إذا دفع وهو عالم والوكيل لا يعلم لتعديه بالدفع، لا من أجل أن الوكالة قد انفسخت في حق الوكيل. ألا ترى أنه لا يجب له الرجوع على الوكيل إن تلف المال بيده لبقاء الوكالة لم تنفسخ في حقه فهو أمانة عنده، ولو كانت الوكالة منفسخة أيضا لوجب له الرجوع عليه بما غرم لصاحب الدين، وهذا بين، وبالله التوفيق لا شريك له ولا ند.