وأما إن كان أحدهما قبل صاحبه فيبدأ الأول منهما. والنذر الذي يوجبه على نفسه في المرض ينبغي أن يكون بمنزلتهما. ثم بعد هذا الموصى بعتقه بعينه، والموصى أن يشترى فيعتق، والموصى بعتقه على مال إذا عجل المال، والموصى بكتابته إذا عجل الكتابة، والموصى بعتقه إلى شهر وما أشبهه لا يبدأ أحد منهم على صاحبه ويتحاصون. وقد قيل إن الذي أوصى بعتقه أو بشرائه للعتق يبدأ على المعتق إلى أجل قريب، وعلى الموصى بعتقه على مال وإن عجل المال. وعلى الموصى بكتابته وإن عجل الكتابة. وقد قيل إن الموصى بعتقه بعينه يبدأ على الموصى بشرائه للعتق. ثم بعد هذه الخمسة الموصى بعتقه إلى سنة. ثم الموصى بعتقه سنتين. والموصى بكتابته لا يبدأ أحدهما على صاحبه. وقيل إن الموصى بعتقه إلى سنة كالموصى بعتقه إلى سنين. قال غير ابن أبي زيد: ثم النذر، وهو بعيد، لتبدية الموصى بعتقه عليه، لأن الوصية بالعتق يصح الرجوع فيها والنذر لازم لا رجوع فيه، فهو إذا أوصى به أوكد منه وقول ابن أبي زيد أصح. ثم الوصية بالعتق بغير عينه وبالمال وبالحج. وقد اختلف في ذلك فقيل إنها كلها سواء في التحاص، وهو أحد قولي مالك في المدونة. وقيل يبدأ الحج على العتق، وقيل يبدأ العتق على الحج ويتحاص مع المال، وهو قوله الثاني فيها. ووجه هذا القول أن العتق عنده آكدها، ثم يليه المال، ثم يليه الحج، فيتحاص العتق مع المال ولا يبدأ أحدهما على صاحبه لقرب ما بينهما في التأكيد. ويتحاص أيضا المال مع الحج ولا يبدأ أحدهما على صاحبه لقرب ما بينهما في التأكيد، ويبدأ العتق على الحج لبعد ما بينهما على ما رتبناه.
ووجه العمل فيه أن يتحاص العتق والمال والحج، فما ناب العتق والحج بدئ فيه العتق على الحج، ولم يكن للحج من ذاك إلا ما فضل عن العتق. وقد قيل يبدأ الحج ثم يتحاص في المال والعتق. وقيل يبدأ العتق ويتحاص في المال والحج. وسواء كانت الوصية بالمال جزءا أو عددا فإن اجتمعا جميعا الوصية بالعدد والجزء فقيل إنهما سواء يتحاصان، وقيل يبدأ الجزء. وقيل يبدأ العدد. وهذا الاختلاف موجود لمالك وابن القاسم، ومعناه في الصرورة. وأما في حجة التطوع فلم يختلف قولهما في أن العتق مبدأ عليهما، ولا في أن الحج لا يبدأ على المال.