للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالموالاة أن ينتقل بولايته إلى من شاء بإذن من ينتقل إليه. فالانتقال الولاء عنده أربع شرائط، وهي أن يكون ذلك بإذن المولى، وبإذن من ينتقل عنه، وبإذن من ينتقل إليه، والرابع أن يكون الولاء المنتقل عنه بالموالاة لا بالعتق، لأن الولاء بالعتق لا يصح الانتقال عنه «لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الولاء وعن هبته». قال وليس في قوله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الولاء لمن أعتق» ما ينبغي أن يكون ثم ولاء سوى ولاية العتاقة، لأن الحديث إنما قصد به إلى الولاء بالعتاقة لا إلى الولاء بما سواه، فإنما ينفي أن يكون ولاء المعتق بالعتاقة لغير الذي أعتقه. وقد تكلمنا على لفظه إنما وما يوجب في كتاب كراء الأرضين. وبالله التوفيق.

وأما ولاية الهجرة فإن الناس كانوا يتوارثون بها في أول الإسلام، لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك. قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: ٧٢]. فكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة وبالمؤاخاة التي آخى رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها بينهم دون ذوي الأرحام حتى أنزل الله: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٥] يريد بقوله في كتاب الله على ما قال أهل التأويل أي في آية المواريث. فالمراد بأولي الأرحام في هذه الآية من سمى الله في آية المواريث أو دخل فيها بالمعنى وإن لم يسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>