ويصلح بالكم على قوله: يغفر الله لنا ولكم؛ لأن المغفرة لا تكون إلا من ذنب، والهداية قد تعري من الذنوب.
والذي أقول به أن قوله: يغفر الله لنا ولكم أولى، إذ لا يسلم أحد من مواقعة الذنوب، وصاحب الذنب يحتاج إلى الغفران؛ لأنه إن هدي فيما يستقبل ولم يغفر له ما تقدم من ذنوبه بقيت التباعة عليه فيها. وإن جمعها جميعا فقال: يغفر الله لنا ولكم ويهديكم الله ويصلح بالكم كان أحسن وأولى.
والذمي إذا عطس وحمد الله فلا يقال له: يرحمك الله، وإنما يقال: يهديك الله ويصلح بالك، لأن اليهودي والنصراني لا تغفر له السيئات حتى يؤمن. ومما يدل على هذا ما روي «أن اليهود والنصارى كانوا يتعاطسون عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجاء أن يقول: يرحمكم الله، فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم». وتعليق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التشميت بالحمد بقوله: وإذا قال: الحمد لله فليقل له: يرحمك الله دليل على أن العاطس لا يشمت حتى يحمد الله، وهو قول مالك إنه لا يشمته حتى يسمعه يحمد الله. قيل له: فإنه ربما كانت الحلقة كثيرة الأهل فأسمع القوم يشمتونه، فقال: إذا سمعت الذين يشمتونه فشمته.
وقد اختلف في تشميت العاطس فقيل: هو واجب على كل من سمعه يحمد الله وهو مذهب أهل الظاهر، وقيل: هو واجب على الكفاية كرد السلام، وقيل: هو ندب وإرشاد وليس بواجب. وإنما أمر العاطس أن يحمد الله لما له في العطاس من المنفعة. والدليل على ذلك أنه لا يشمت إذا كان مضنوكا على ما جاء في الحديث من قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "إن «عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فشمته، ثم إن عطس فقل: إنك مضنوك». قال عبد الله بن أبي بكر راوي الحديث: لا أدري بعد الثلاثة أو الأربعة.
ويقال: تسميت وتشميت. وقال الخليل: تشميت العاطس لغة في تسميته.
وقال ثعلب: التشميت معناه: أبعد الله عنك الشماتة وجنبك ما يشمت به عليك. وأما التسميت فمعناه جعلك الله على سمت حسن. وبالله التوفيق.