وأما قص الشارب فما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأمر به يبين ما جاء عنه من الأمر بإحفائه فيستعمل الأمران جميعا بأن يقص أعلاه ويحفي الإطار منه، ولا يحمل على التعارض.
وهذا الذي ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنه رأى حلقه مثلة، وقال في ذلك إنه بدعة وهو صحيح، لأن اتصال العمل بترك إحفائه دليل على نسخ الأمر بذلك. والأولى أن يجعل حديث الأمر بقصه مبينا لحديث الأمر بإحفائه. وكان ابن القاسم يكره أن يؤخذ من أعلاه وقال: معنى الأمر بإحفائه إحفاء الإطار منه.
وأما اللحية فتعفى على ما جاء في الحديث؛ لأن فيها جمالا. وقد جاء في بعض الأخبار أن الله عز وجل زين بني آدم باللحى، فحلقها مثلة وتشبيه بالأعاجم في ذلك، إلا أن تطول فلا بأس بالأخذ منها.
وأما حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار فهو من النظافة المشروعة في الدين.
والاستنجاء من باب زوال النجاسة، ويجزئ فيه الأحجار على ما جاء في الآثار، والماء أطهر وأطيب. ومن قدر على الجمع بينهما فهو أحسن، لأن الله قد أثنى على من فعل ذلك من الأنصار بقباء فقال فيهم:{رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}[التوبة: ١٠٨].
وأما الختان فهو طهرة الإسلام ومن سنة إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وملته التي أمر الله بالتزامها حيث يقول:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}[الحج: ٧٨] أي التزموها. هو أول من اختتن من الناس حين أمره الله بالختان. قيل: وهو ابن ثمانين سنة، وقيل: وهو ابن مائة وعشرين سنة، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة. روي الأمران جميعا عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية أبي هريرة.
ويستحب ختان الصبي إذا أمر بالصلاة من السبع سنين إلى العشرة، ويكره