أن يتأدب معهم ويلزمهم أن يتأدبوا معه في الأكل، فإن لم يفعلوا ذلك أمرهم بذلك كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما قاله لعمرو بن أبي سلمة.
ومن الأدب إذا أكل الرجل مع القوم أن يأكل كما يأكلون من تصغير اللقم والترسيل في الأكل وإن خالف ذلك عادته. ومن هذا المعنى نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن القران في التمر، وهو أن يأكل تمرتين إذا لم يقرنوا، وإن كان هو الذي أطعمهم.
ويجوز له ذلك إذا أكل مع من لا يلزمه أن يتأدب معهم من أهله وولده. وقد قيل: إنه إنما نهي عن ذلك لئلا يستأثر في الأكل على من يؤاكله بأكثر من حقه.
فعلى هذا يجوز له إذا كان هو الذي أطعمهم أن يقرن وإن كانوا لا يقرنون. والأظهر أن يكون النهي عن ذلك للمعنيين جميعا، فلا يقرن الرجل دون أصحابه المؤاكلين له الذين يلزمه أن يتأدب معهم وإن كان هو الذي أطعمهم].
ويستحب للرجل أن لا ينهم في الأكل ويكثر منه، فإن ذلك مما يضر به، فيجعل ثلث بطنه للطعام، وثلثه للماء، وثلثه للنفس. ولا يأكل متكئا؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أما أنا فلا آكل متكئا»؛ ولأن ذلك من فعل الأعاجم تجبرا وتكبرا. وأن يغسل يده وفمه من الدسم عند فراغه من الأكل؛ لأمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك.
«روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شرب لبنا فمضمض وقال: إن له دسما.» وإن لم يكن لطعامه دسم لم يكن عليه غسل يده منه، فقد كان عمر بن الخطاب إذا أكل ما لا دسم له مسح يده بباطن قدمه.
وأما غسل الرجل يده للأكل فليس من السنة، فقد كرهه مالك وقال فيه: إنه ليس من الأمر أي من السنة المأمور بها فيلزم التزامها؛ لأنها من فعل الأعاجم ولم يرو عن السلف، إلا أن يخشى أن يكون قد مس بيده شيئا يكره أن يباشر به الطعام.