للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة. قال عز وجل: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [طه: ١٢٣] فأمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتل الحيات عموما.

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن بالمدينة جنا قد أسلموا" يريد الحيات، "فإذا رأيتم منها شيئا فأذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان». فكان ذلك مخصصا لعموم أمره بقتل الحيات، فلا يجوز أن تقتل الحيات بالمدينة إلا بعد الاستئذان ثلاثا إلا ذي الطفيتين والأبتر على ما جاء في الحديث من أنهما يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء.

ونهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قتل حيات البيوت، فاحتمل أن يريد بيوت المدينة خاصة، وأن يريد جميع البيوت بالمدينة وغيرها، فيستحب لهذا الاحتمال ألا تقتل حيات البيوت في غير المدينة إلا بعد الاستئذان ثلاثا من غير إيجاب بخلاف حيات المدينة. وأما حيات الصحاري والأودية فلا خلاف في أنها تقتل من غير استئذان؛ لأنها باقية على الأمر بقتلها.

وأما الوزغ فيقتل حيثما وجد؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بقتله وسماه فوسيقا. وكذلك يقتل سائر ما أمر بقتله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من العقرب والفأرة والحدأة والكلب العقور.

«ونهى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قتل أربع: النحلة، والنملة، والهدهد، والصرد» فلا تقتل النحلة لأنها ينتفع بها إذا بقيت ولا ينتفع بلحمها إذا قتلت، والنملة؛ لأنها لا ينتفع بلحمها إذا قتلت وهي موصوفة بمعنى محمود من التسبيح على ما جاء من أن الله عز وجل أوحى إلى نبي من الأنبياء؛ لما أحرق قرية النمل إذ لدغته واحدة منهن: لدغته نملة واحدة قرصته أحرقت أمة من الأمم تسبح.

وروي أن نبيا من الأنبياء خرج بالناس يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة. إلا أن تؤذي فيجوز قتلها لإذايتها. وكذلك يجوز قتل ما يؤذي من جميع الدواب كالبرغوث والقملة، ولا يجوز قتل شيء من ذلك بالنار؛ لأنه من التمثيل والتعذيب، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>