لم يضره ما رأى إن شاء الله على ما جاء في الحديث الذي ذكره مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سمعت أبا قتادة بن ربعي يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«الرؤية الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه فليتفل عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ وليتعوذ بالله من شر ما رأى فإنها لن تضره إن شاء الله».
قال أبو سلمة: إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أبالي بها. وفي رواية ابن وهب مثل هذا إلا أنه قال:: «أعوذ بما أعاذت به ملائكة الله ورسله من شر ما رأيت أن يصيبني منه شيء أكرهه في الدنيا والآخرة، وليتحول على شقه الآخر».
والمعنى في ذلك أن الرؤيا الصالحة وهي الحسنة التي تبشر بالخير في الدنيا أو في الآخرة لا مدخل فيها للشيطان وهي من الله عز وجل من ستة وأربعين جزءا من النبوءة إذا رآها الرجل الصالح، وروي من خمسة وأربعين جزءا، وروي من سبعين جزءا " والمعني في هذه التجزئة أن ما يصاب في تأويله من هذه الرؤيا التي على هذه الصفة المذكورة في الحديث فيخرج على ما تعبر به فما يخطأ في تأويله فلا يخرج على ما يعبره بكونه جزءا من خمسة وأربعين، أو من ستة وأربعين، أو من سبعين، إذ لو خرجت كلها على ما تعبر لكانت كالنبوءة في الإخبار بالمغيبات، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لن يبقى بعدي من النبوءة إلا المبشرات "، قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوءة». فالرؤية الصالحة المبشرة من الله جزء من الأجزاء المذكورة في الحديث إن كانت من الرجل الصالح، وإن لم تكن من الرجل الصالح فلا يقال فيها وإن كانت من الله تعالى: إنها جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوءة ولا من ستة وأربعين ولا من سبعين.