والفر. ألا ترى أنه لا يسهم لها، وإنما يصلح لذلك الخيل وحدها وهي التي يسهم لها. وثبت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سابق بينهما. والمسابقة في ذلك جائزة على الرهان، والرهان الذي يكون فيها على ثلاثة أوجه: وجه جائز باتفاق، ووجه غير جائز باتفاق، ووجه مختلف في جوازه.
فأما الوجه الجائز باتفاق فهو أن يخرج أحد المتسابقين إن كانا اثنين أو أحد المتسابقين إن كانوا جماعة جعلا لا يرجع إليه بحال ولا يخرج من سواه شيئا، فإن سبق مخرج الجعل كان الجعل للسابق، وإن سبق هو صاحبه ولم يكن معه غيره كان الجعل طعمة لمن حضر.
وإن كانوا جماعة كان الجعل لمن جاء سابقا بعده منهم. وهذا الوجه في الجواز مثل أن يخرج الإمام الجعل فيجعله لمن سبق من المتسابقين، فهو مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم أجمعين.
وأما الوجه الذي لا يجوز باتفاق فهو أن يخرج كل واحد من المتسابقين إن كانا اثنين أو كل واحد من المتسابقين إن كانوا جماعة جعلا، فهذا لا يجوز باتفاق؛ لأنه من الغرر والقمار والميسر والخطار المحرم بالقرآن.
وأما الوجه المختلف فيه فهو أن يخرج أحد المتسابقين إن كانا اثنين أو أحد المتسابقين إن كانوا جماعة جعلا ولا يخرج من سواه شيئا على أنه إن سبق أخذ جعله وإن سبقه غيره كان الجعل للسابق.
فهذا الوجه اختلف فيه قول مالك، وهو على مذهب سعيد بن المسيب جائز. ومن هذا الوجه المختلف فيه أن يخرج كل واحد من المتسابقين جعلا على أن من سبق منهما أحرز جعله وأخذ جعل صاحبه على أن يدخلا بينهما محللا لا يأمنان أن يسبقهما على أنه إن سبقهما أخذ الجعلين جميعا.
فهذا الوجه أجازه سعيد بن المسيب ولم يجزه مالك ولا اختلف فيه قوله كما اختلف في الوجه الأول الذي قبله؛ لأنه أخف في الغرر من الوجه الذي قبله. ويجمع بينهما في المعنى أن حكم مخرج الجعل مع صاحبه من تلك حكم مخرج الجعل مع المحلل في هذه. وسواء كان مع الجماعة المتسابقين محلل واحد أو مع الاثنين المتسابقين جماعة محللون، الخلاف في كل ذلك، إلا أنه كلما كثر المحللون وقل المتسابقون كان الغرر أخف والأمر أجوز. وقد روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -