فعلت ذلك كانت كاسية في حكم العارية. قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام»، فإن فعلت ذلك أو صلت بادية الشعر أو الصدر أو الذراعين أو القدمين، أعادت في الوقت. وأما الأمة فحكمها فيما يجوز لها أن تصلي فيه من الثياب حكم الرجل، إلا في وجوب ستر فخذها، إذ لا اختلاف في أن الفخذ من المرأة عورة. وإنما اختلف في الفخذ من الرجل، فروى ابن عباس وجرهم عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«الفخذ عورة». وقال «أنس بن مالك: أجرى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فحسر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وقال البخاري: حديث أنس أسند وحديث جرهم أحوط حتى يخرج من اختلافهم. «وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان في حائط بعض الأنصار مدليا رجليه في بئرها وبعض فخذه مكشوف، فدخل عليه أبو بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وهو على حاله لم ينتقل عنها حتى دخل عثمان فغطى فخذه وقال: " ألا أستحي ممن استحيت منه ملائكة الرحمن». فإن صلت الأمة مكشوفة الفخذ - أو السرة - لأنها منها أيضا عورة أعادت في الوقت. واختلف إن صلت مكشوفة البطن، فقال أصبغ: لا إعادة عليها، وقال أشهب: تعيد في الوقت، وكذلك الرجل عنده، وهو بعيد. وإن صلى الرجل مكشوف البطن والظهر فلا إعادة عليه في المشهور في المذهب، وإن صلى مكشوف الفخذ تخرج وجوب الإعادة عليه في الوقت على الاختلاف فيه هل هو عورة أم لا. والذي أقول به أن ما روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في الفخذ ليس باختلاف تعارض، ومعناه أنه ليس عورة يجب سترها فرضا كالقبل والدبر، وأنه عورة يجب سترها في مكارم الأخلاق ومحاسنها، فلا ينبغي التهاون بذلك في المحافل والجماعات، ولا عند ذوي الأقدار والهيئات. فعلى هذا تستعمل الآثار كلها، واستعمالها كلها أولى من بعضها.